[SIZE="5"]البعض يتساءل ،لماذا اشتهرت قصيدة البردة (1)للإمام البوصيري رَضِيَ الله عنه؟، ولماذا يردِّد الحضور الصيغة المشهورة
مولاي صلِّ وسلِّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم
لقد اشتهرت البردة لصدق صاحبها، فإن الله عزَّ وجلَّ اقتضت حكمته، وشاءت إرادته، أن يشهر ويظهر الصادقين من بريته، وخصَّ المحبين الصادقين بصدق في اليقين، ونورٍ في الأرواح، جعل لكلامهم قبول عند من يستمعون إليه، وفي ذلك يقول الإمام أحمد بن عطاء الله السكندري رَضِيَ الله عنه
{ كلُّ كلام يخرج وعليه نورٌ من كِسْوَةِ القلب الذي خرج منه }
وليست العبرة بفصاحة الكلام، ولا بطلاقة العبارات، ولا بانتقاء الألفاظ، وإنما يكسو الله كلام المحبِّ وإن كان عامياً حلاوة وطلاوة في أذن السامعين، وذلك كله من ربِّ العالمين عزَّ وجلَّ.
ولذلك قد نجد في كلام العاشقين والواجدين من الصالحين، قصائد لا منتهى لكمال ألفاظها، وسمو عباراتها، وبلاغة صورها، ولكنها لم تحظَ بما حظيت به مثـلاً قصيدة كالبردة ، لماذا؟
لأن كل كلام يبرز وعليه كسوة من نور القلب الذي برز منه ،وكذلك في عالم الصلاة على الحبيب صلَّى الله عليه وسلم، فقد اشتهر في عالم الناس كتاب،دلائل الخيرات، مع أن الصيغ التي فيه صيغ عادية، وهناك من أئمة القوم من لهم صلوات على الحبيب فيها معاني رقيقة، وعبارات بليغة ودقيقة، وألفاظ فيها وحي الإلهام والسليقة، ولكنها لم تنل من القبول في دنيا الناس، ما نالته صلوات وعبارات دلائل الخيرات
وذلك لصدق قائلها، وصفاء إرادة منشئها، الشيخ الجاز ولي رَضِيَ الله عنه وأرضاه. وهكذا في كل أمر
فقد ظهر في الأمة المحمدية ما يزيد على الثلاثين مذهباً فقهياً، ولكن لم يكتب القبول في الأمة إلا لأربعة مذاهب؛ مذهب الشافعي، ومذهب الإمام أبي حنيفة، ومذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومذهب الإمام مالك، لماذا؟
لصــدق هؤلاء، ولأنهم قبل أن يكونوا فقهـاء كانوا أولياء لله عزَّ وجلَّ، ثم دخلوا في دراسة الفقه، بعد تمكنهم في مقام الولاية لله عزَّ وجلَّ، فكان عملهم ابتغاء وجه الله، وعليه سيميا الصدق؛ فنالوا وجاهة وقبولاً عند عباد الله عزَّ وجلَّ.
وهذا سرُّ أن البردة لها رنين في قلوب المحبين، ودوي في قلوب العاشقين، وبهجة تحدث عند سماعها لكل المشتاقين لسيد الأولين والآخرين صلَّى الله عليه وسلَّم.
وسؤالنا الثاني لماذا يردِّد الحضور؟
مولاى صلِّ وسلَّمْ دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم
لأن الإمام البوصيري رَضِيَ الله عنه عندما كان ينشد هذه القصيدة ، وقد كان ينشدها مناماً في مواجهة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان يستمع إليه بسمته الشريف، وسُمَّيت البردة ، لأنه عندما انتهى صلَّى الله عليه وسلم من سماعها، خلع بردته الشريفة وأعطاها له، وكساه بها، فسميت،البردة المباركة
وقد كان ذلك كله في المنام كما قلنا وأثناء إلقائه لهذه القصيدة على مسامع الحبيب حضوراً، قال في أحد أبياتها:
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ، ثم تلعثم، وتوقَّف، فأخذ يردِّد فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ، ولما رأى الحبيب صلَّى الله عليه وسلم تلعثمه، قال له: قل وأنه خير خلق الله كلهم.
فكانت هذه الشطرة إملاءاً من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فأخذ الصالحون يردِّدونها عقب إنشادهم لكل بيت، أو لكل جملة من الأبيات في البردة المباركة، ويبدءون بالصلاة عليه فكانوا يقولون:
مولاي صلِّ وسلم دائماً أبداً، ثم نص كلام سيدنا رسـول الله صلَّى الله عليه وسلم:
على حبيبك خير الخلق كلهم.
وهذا هو السر في ترداد هذا البيت، وهو كلام رسول الله الذي أملاه على الإمام البوصيري رَضِيَ الله عنه وأرضاه في المنام.
هذه المقدمة؛ حتى نزيل ما علق بأذهان البعض، نحو ما رأيناه من ترداد الصلاة والتسليم على الحبيب الكريم صلَّى الله عليه وسلم، عند استماعنا لبردته. والبردة كان لها شأن عظيم، وشأنها شأن مواجيد الصالحين، وقصـائد العاشقين، في تأجيج القلوب وإثارتها نحو الحبيب المحبوب صلَّى الله عليه وسلم.
ولكل رجل من الصالحين كثير من المواجيد يلهمه بها الله عزَّ وجلَّ عند رؤياه أو استحضاره لحبيب الله ومصطفاة صلَّى الله عليه وسلم.
منهم من يقول هذه القصائد في حالة الحضور، وكلام مثل هذا يكون لسامعيه هيام، وعشق، ونور،ومنهم من ينشدها في حالة استحضار لأنوار حضرة النبي المختار، ويكون أيضاً لسامعيه على قدر عشقه ووجده استكناه لذات النبي المختار، واستحضار لشمائله صلَّى الله عليه وسلم في الظاهر وفي الأسرار
والكل يحاول أن يحضر القلوب؛ لتحضر بين يدي المصطفى صلَّى الله عليه وسلم، فتنال منه طهور المشروب صلَّى الله عليه وسلم.
[/SIZE]
(1)قصيدة البردة المباركة؛ عرفت واشتهرت بالبردة، وأسمها فى الأصل: "الكواكب الدريَّة فى مدح خير البريَّة صلَّى الله عليه وسلَّم"، وصاحبها الإمام محمد بن سعيد بن حمد البوصيرى المصرى الأصل، ولد ببهشيـم سنة 609هـ، وتوفى بالأسكندرية سنة 696هـ. روى أنه أنشأ هذه القصيدة حين أصابه فالج (شلل)، فاستشفع بها إلى الله تعالى، فرأى النبى صلَّى الله عليه وسلَّم فى منامه وقد مسح بيده الشريفة على بدنه فعوفى. وخرج من بيته أول النهار فلقيه بعض أصحابه فقال: ياسيدى أريد أن تعطينى القصيدة التى مدحت بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: أية قصيدة؟ ( له قصائد أخرى فى المدح مثل: "المضرِّيـَّة"، و"المحمَّديّـة ")، فقال: التى أولها: أمن تذكر جيران ،فأعطاها له وجرى ذكرها بين الناس واشتهرت، ويبلغ عدد أبياتها 160 أو 168 بيتاً.
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C5%D4%D1%C7%DE%C7%CA%20%C7%E1%C5%D3%D1%C7%C1-%20%CC2&id=18&cat=4
[URL="http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_eshrakat_alesraa_V2.pdf&id=18"][SIZE="5"]منقول من كتاب {إشراقات الإسراء الجزء الثاني}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً[/SIZE][/URL]
https://www.youtube.com/watch?v=Ffubs1-xRXg
[IMG]http://www.fawzyabuzeid.com/data/Book_eshrakat_alesraa_V2.jpg[/IMG